السفير الهاجري: زيارة فخامة الرئيس الأوكراني إلى قطر تفتح المجال أمام تعاون كبير بين البلدين

قال سعادة السيد هادي بن ناصر الهاجري سفير دولة قطر لدى أوكرانيا، إن زيارة فخامة الرئيس الأوكراني سعادة السيد فولوديمير زيلينسكي للدوحة تفتح المجال أمام تعاون كبير بين البلدين ودفعة للعلاقات الثنائية بين البلدين لأعلى مستوياتها، مشيراً إلى نمو التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 69% العام الماضي رغم تحديات جائحة كورونا.

وكشف السفير الهاجري في حوار لـ«لوسيل» بمناسبة الزيارة عن توقيع 10 إتفاقيات بين البلدين في مجالات متعددة كالشباب والرياضة والطاقة والزراعة وسلامة الأغذية والصحة والإستثمار وغيرها. موضحاً أن هذه الإتفاقيات ستكون أساساً متيناً لرفع مستوى التعاون الإقتصادي والتجاري بين البلدين، إلى الحوار.

وفيما يلي نص الحوار:

بداية سعادة السفير، نود أن تسلط الضوء على أهمية زيارة الرئيس الأوكراني للدوحة؟

من المعروف أن الزيارات الرسمية للمسؤولين لها دور كبير في تعزيز وتقوية العلاقات الثنائية، فما بالك بالزيارة التي تكون على أعلى مستوى، ولذلك فإن زيارة فخامة الرئيس السيد فولوديمير زيلينسكي إلى الدوحة لها أهمية كبيرة في هذا الشأن، حيث ستفتح المجال أمام تعاون أكبر بين أوكرانيا ودولة قطر وتدفع العلاقات الثنائية بين البلدين إلى أعلى مستوى، سواء في إطار الحوار السياسي أو التعاون التجاري والاقتصادي.

ما هي أبرز الملفات التي سيتم مناقشتها خلال الزيارة؟ وهل سيتم توقيع اتفاقيات وفي أي مجالات؟

باعتبار أن الزيارة على أعلى مستوى، فإن الرئيس الأوكراني سيرافقه وفد مُهم من أجل مناقشة العديد من الملفات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية وغيرها، كما سيتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات المُهمة والتي ستكون برأيي دفعة قوية لتقوية وتعزيز العلاقات الثنائيات بين بلدينا.

وستكون هناك نحو 10 اتفاقيات في مجالات متعددة، كالشباب والرياضة، والطاقة والمجال القانوني، واتفاقيات في مجال الزراعة وسلامة الاغذية والصحة والاستثمار وغيرها.

وستكون هذه الاتفاقيات إلى جانب اتفاقيات موقعة سابقا بين بلدينا في مجال حماية الاستثمار وتجنب الازدواج الضريبي وإلغاء التأشيرات أساسا متينا في رفع مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري بين دولة قطر وأوكرانيا.

العلاقات القطرية الأوكرانية

كيف تقيمون العلاقات القطرية الاوكرانية خلال الفترة الماضية؟

بشكل عام تُعتبر العلاقات مع أوكرانيا ذات أهمية بالنسبة لدولة قطر، وهي علاقات مبنية على أساس الاحترام المُتبادل، ونحن نلاحظ تطورا إيجابيا لهذه العلاقات على كافة الأصعدة، وخلال السنوات الاخيرة حققنا الكثير من التطور سواء في الجانب السياسي من خلال تكثيف التنسيق والتشاور بين بلدينا حول مختلف القضايا الاقليمية والدولية وتبادل الزيارات بين مختلف المسؤولين في كلا البلدين، أما على المستوى الاقتصادي فهذا نلمسه من خلال الاتفاقيات الموقعة والتي تعتبر أساسا قانونيا لتنفيذ العديد من المشاريع المشتركة وزيادة التبادل التجاري.

ما هو حجم التبادل التجاري بين البلدين، وفي أي المجالات؟

وفق الأرقام المتوفرة لدينا فإنه خلال عام 2020، بلغ حجم التبادل التجاري بين دولة قطر وأوكرانيا حوالي 139.16 مليون دولار، بزيادة 69.2٪ عن نفس الفترة من العام الماضي، وذلك رغم جائحة كورونا التي ضربت العالم وكان لها تأثير واسع على مختلف الاقتصادات.

هذه الأرقام المسجلة ورغم أنها أرقام متواضعة بحكم الإمكانيات المتوفرة، إلا انها أرقام جيّدة، خاصة إذا نظرنا إلى سنوات سابقة لم يكن يتجاوز فيها حجم التبادل التجاري بين دولة قطر وأوكرانيا الـ 20 مليون دولار، وفي الحقيقة تعبر أيضا عن ديناميكية إيجابية للعلاقات الاقتصادية.

وإذا نظرنا إلى أهم الصادرات والواردات بين دولتينا فإن الصادرات القطرية تشمل في الغالب المواد البلاستيكية والبوليمرية والمواد الكيميائية غير العضوية، أما الصادرات الأوكرانية إلى قطر فهي في الغالب تتكون من السلع الزراعية مثل الحبوب والدهون والزيوت والحليب ومنتجات الألبان والبيض، وبعض السلع الأخرى كالمعادن. كما أريد أن أُشير إلى إمكانية تنويع حجم الصادرات والواردات بين بلدينا في مختلف القطاعات التي تعود بالفائدة على شعبي البلدين.

ماهي أجندتكم لتعزيز العلاقات بين البلدين خلال الفترة المقبلة؟

تعمل سفارة دولة قطر في أوكرانيا وفق أجندة مضبوطة بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين دولة قطر وأوكرانيا، وتبذل مساعي وجهود في أن تدخل الاتفاقيات الموقعة بين الدولتين حيز التنفيذ، كما تساهم في التواصل البناء بين مختلف الهيئات القطرية ونظيرتها الأوكرانية، وإلى جانب ذلك نحن مهتمون بصورة دولة قطر والحماية والدفاع عن المصالح القطرية، وإظهار الصورة المشرقة للثقافة القطرية ودولة قطر بشكل عام.

الاستثمارات القطرية

كم حجم الاستثمارات القطرية في أوكرانيا وفي أي المجالات؟

في الوقت الحالي يعتبر أهم مشروع استثماري قطري في أوكرانيا اتفاق امتياز ميناء أولفيا البحري والذي وقع في أغسطس من العام الماضي بين وزارة البنية التحتية الأوكرانية وشركة QTerminals.

وأعتقد أن هذا المشروع هو بداية لمشاريع أخرى قيد الدراسة بين أوكرانيا وقطر والتي ستدفع بالتعاون بين البلدين إلى مستوى كبير، ونحن نأمل في ينتهي هذا الوباء لزيادة التواصل وتكثيف الزيارات بين مختلف المسؤولين وتحقيق مختلف المشاريع.

كما أريد الاشارة إلى مشاريع استثمارية في طور الإنجاز تتعلق بمحطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وهي في مراحلها النهائية لشركة نبراس، وهذا المجال من المجالات الاستثمارية الواعدة في أوكرانيا.

وما أهمية استثمارات قطر في مشاريع البنية التحتية مثل تطوير ميناء أوليفيا الأوكراني من قبل «كيو تيرمينالز»؟

يُعتبر هذا المشروع الاستثماري ذات أهمية كبيرة لبلدينا وهو خطوة ستُعزز بالتأكيد التعاون الاقتصادي بين الشركات القطرية والشركات الأوكرانية والعالمية بشكل عام، كما سيُساهم هذا المشروع أيضا في دعم عمليات الخط البحري بين موانئ أوكرانيا وميناء حمد بدولة قطر، وهو انجاز كبير لشركة «كيوتيرمنلز» ويحقق استراتيجية عملها بالتوسع في الاستثمارات الخارجية كشركة قطرية متخصصة في إدارة الموانئ.

هذا المشروع يعد أيضا فرصة استثمارية هامة في أبرز الموانئ الأوكرانية الواقعة على البحر الأسود، ومن المؤكد أن كافة أعمال التطوير التي ستقوم بها شركة «كيوتيرمنلز» في ميناء أولفيا ستساهم في دعم عملياته ومستوى خدماته الملاحية واللوجستية ذات الصلة به بأفضل المعايير الدولية، مما يعزز من الإيرادات التشغيلية للميناء وتوفر كل فرص النجاح ليكون محطة دولية بامتياز لتجارة الحبوب.

هذا المشروع هو أحد أكبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة في صناعة الموانئ في أوكرانيا منذ الاستقلال، ويمتد عقد الامتياز مدة 35 عاما، حتى عام 2056، وبموجبه ستستثمر شركة كيوتيرمنلز نحو «140» مليون دولار في تطوير الميناء على مدى الأعوام الخمس المقبلة، على أن يتم تخصيص «3.5» مليون دولار من هذا المبلغ، لترميم البنية التحتية المحلية في المدينة. ونحن نأمل أن يعود هذا المشروع بالفائدة على مدينة ميكولايف وسكانها وعلى أوكرانيا عموما.

فرص استثمارية

ماهي الفرص الاستثمارية للقطريين في أوكرانيا وفي أي المجالات؟

أنا أعتبر أن هناك آفاقا واسعة لزيادة التعاون الاقتصادي، وهناك فرص مهمة بيننا لم تستغل بعد في الكثير من القطاعات، فهناك فرص في مجالات البنية التحتية والأمن الطاقوي والأمن الغذائي، ومجالات السياحة والرياضة والتعليم وغيرها، كلها قطاعات نرى فيها فرصا لزيادة التعاون.

أوكرانيا تعتبر أيضا سوقا واعدة في مجال التكنولوجيا وشركات تكنولوجيا المعلومات الأوكرانية والمتخصصون في هذا المجال أصبح لهم سمعة عالمية، ونحن نراقب هذا الأمر عن كثب ونبحث عن مختلف إمكانيات التعاون والشراكة في هذا القطاع الحيوي والمهم جدا في هذا الوقت.

أريد الإشارة أيضا أن الوتيرة المسجلة للتعاون خلال السنوات الأخيرة تُعطي أملا واسعا بأننا في الطريق الصحيح لمضاعفة التبادل التجاري بين دولة قطر وأوكرانيا، لاسيما وأننا الآن تمكنا من توقيع الكثير من الاتفاقيات لتسهيل التعاون، على غرار اتفاقية الازدواج الضريبي واتفاقية حماية الاستثمارات وهناك لجنة مشتركة عليا بين حكومة البلدين للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني، والتي نأمل أن تعقد جولتها الثانية في كييف مع بداية العام الجديد.

كيف تنظر أوكرانيا للمصالحة الخليجية التي تمت في العلا السعودية؟

أولا، نحن ممتنون للموقف الأوكراني بشأن المصالحة الخليجية التي تمت في قمة العلا، حيث رأينا كيف رحّب المسؤولون الاوكرانيون، وعلى رأسهم سعادة وزير الخارجية السيد دميترو كوليبا بنتائج هذه القمة، فأوكرانيا في الحقيقة من الدول الداعمة لهذه المصالحة، وقد أعلنت منذ بداية الأزمة مساندتها للمبادرة الكويتية ودعت جميع الأطراف لحل الخلافات عبر التفاوض والجلوس إلى طاولة المفاوضات.

تتميز أوكرانيا بالتكنولوجيا الزراعية، ما نوع التعاون الذي يمكن أن يكون بين البلدين في هذا المجال؟

القطاع الزراعي في أوكرانيا يتمتع بإمكانيات كبيرة في إنتاج المواد الغذائية وغيرها من المنتجات، وهو مجال واعد لجذب الاستثمار، كما أن تطوير التعاون الاستثماري، الذي يأخذ في الاعتبار مصالح ومزايا كلا البلدين، يمكن أن يوفر قوة دفع إضافية للتعاون التجاري والاقتصادي في القطاع الزراعي.

أوكرانيا تعتبر من أكبر الدول المصدر في العالم في مجال الصادرات الزراعية، وهي تنظر إلى قطر كسوق واعدة لزيادة الإمدادات الزراعية، وعليه فإن التعاون بين بلدينا في هذا القطاع يمكن أن يكون تعاونا استراتيجيا بهدف تحقيق الأمن الغذائي من خلال توسيع نطاق المنتجات الأوكرانية مع مراعاة خصوصيات دولة قطر والامتثال للمعايير المحلية للمنتجات.

التعاون في مجال الطاقة

هل هناك تعاون بين البلدين في مجال الطاقة، وبشكل خاص قطاع الغاز؟

مسألة الغاز وقطاع الطاقة بشكل عام من المسائل الحيوية والمجالات الهامة التي يمكن التعاون فيها بين دولتينا، فـالجانب الأوكراني يسعى إلى تنويع إمدادت الطاقة وتحقيق أمن البلاد في مجال الطاقة، كما أنه من المهم بالنسبة لدولة قطر الدخول إلى السوق الأوكرانية الواسعة جدا، واعتقد أن مسألة التعاون في قطاع الطاقة ستكون محورا للمحادثات بين البلدين خلال زيارة فخامة الرئيس الأوكراني إلى الدوحة.

كيف تنظر أوكرانيا للدبلوماسية القطرية ودورها في وضع نهايات سعيدة للصراعات في المنطقة؟

في الحقيقة هناك اهتمام إيجابي من قبل الجانب الأوكراني للدور الذي تلعبه الدبلوماسية القطرية في وضع نهايات سعيدة لكثير من أزمات ومشاكل المنطقة في السنوات الماضية، حيث لم تقتصر تلك الوساطات على الشأن العربي، بل امتدت كذلك إلى قارات اخرى.

ونحن في لقاءاتنا مع مختلف المسؤولين الأوكرانيين سواء في الحكومة أو البرلمان أو حتى وسائل الاعلام نلمس ذلك الاهتمام والتفاعل والنظر بإيجابية عالية لتلك الجهود التي حققت السلام في الكثير من المناطق والدول.

مكافحة الإرهاب

هل هناك تعاون في مجال مكافحة الإرهاب؟

مجال مكافحة الإرهاب عنوان عريض وشأن دولي كبير، وهناك اتفاقيات دولية تعتبر دولة قطر وأوكرانيا من الدول الموقعة عليها على غرار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، أما على المستوى الثنائي فإنه سيتم قريبا توقيع اتفاقية تتعلق بمجال منع ومكافحة الجريمة بين دولتينا.

وباعتبارها قضية دولية فإن مسألة مكافحة الإرهاب بنظري هي قضية تحتاج لتضافر جهود جميع الدول، من خلال احترام الالتزامات المنوطة بها بموجب القانون الدولي، ونظراً للعولمة وتطوُّر الإرهـاب الـدولي، بـات مـن الـضروري تعزيـز فعاليـة وسـائل المعاقبـة علـى هـذه الأفعـال علـى الصعيد العالمي.

كيف تنظر أوكرانيا لدور قطر في تسهيل المفاوضات الأفغانية الأفغانية ومن قبل اتفاقية السلام الأمريكية وحركة طالبان؟

في الحقيقة كان هناك ترحيب كبير بالنسبة للجانب الأوكراني بالدور الذي لعبته دولة قطر في تسهيل المفاوضات الأفغانية الأفغانية ومن قبل اتفاقية السلام الأمريكية وحركة طالبان.

وكما ذكرت سابقا وعلى غرار جميع الأدوار التي لعبتها قطر في وضع نهايات سعيدة للصراعات في المنطقة، كان هناك رد فعل إيجابي وواسع بالدور القطري في المفاوضات الأفغانية الأفغانية.

بالنسبة للجانب الأوكراني كل هذه المساعي تعكس زيادة المصداقية الدولية لدولة قطر وتعزيز دورها على الساحتين الإقليمية والعالمية.

ما نوع التعاون بين البلدين في مكافحة كورونا؟

ساهمت دولة قطر في تزويد أوكرانيا بالمساعدات الطبية الإنسانية بهدف مكافحة جائحة فيروس كورونا، حيث وبتوجيهات من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى أرسلت دولة قطر 9 أطنان من المساعدات في مايو 2020 وذلك لدعم جهودها في مكافحة الفيروس، وهذه الخطوة دليل على الصداقة الحقيقية والشراكة القوية بين بلدينا.